تحقيقين صحفيين، احدهما من القاهرة والثاني من المدينة المنورة، يتعلقان بقضية واحدة.
التحقيق من القاهرة عنوانه «فانوس رمضان.. بداية مصرية بنهاية صينية». التحقيق يعرض في جزء منه لمسألة الغزو الصيني لمصر في مجال صناعة فوانيس رمضان الشهيرة التي هي بالطبع صناعة وتقليد مصري اصيل مائة في المائة. يذكر التحقيق ان مصر تستورد من الصين كل عام فوانيس بمبلغ 3 ملايين دولار حسب تقارير وزارة الاقتصاد. والارجح ان المبلغ اكبر من هذا بكثير. وينقل عن تجار للفوانيس المصرية التقليدية شكواهم المرة «من شدة المنافسة التي يتعرضون لها من الفوانيس الصينية المستوردة التي باتت تقدم للطفل في اشكال متعددة وتغنى لها ايضا كل اغاني رمضان الشهيرة». وينقل عن احد صناع الفوانيس المصرية الذي يعمل في هذه المهنة من 30 عاما قوله: «ان الصين قدمت الفانوس على هيئة كل الالعاب الموجودة في السوق المصري، ونجحت في تطويع اشكال تصميماتها في الآونة الاخيرة لتلائم السوق المصري، وهو ما جاء على حساب صناعة الفانوس التقليدي».
اما التحقيق الثاني الذي نشرته الصحيفة من المدينة المنورة فعنوانه «الصين الشعبية تحيط بالحرم النبوي من جميع الجهات». يبدأ التحقيق بهذه الفقرة «يدور زوار الحرم النبوي حول جهاته الاربع بحثا عن هدية غالية يعودون بها من احد الاماكن والديار المقدسة عند المسلمين، فلا يجدون امامهم سوى طوفان من البضائع الصينية الرخيصة فيما لا يقف امام هذا المد الصيني سوى باعة التمور والنعناع المديني». وينقل التحقيق عن زوار للحرم النبوي شكواهم من عجزهم عن الحصول على منتجات «تعكس ثقافة المكان والناس» و« لها روح المدينة المنورة» كما ينقل عن احد باعة الملابس قوله: «ليس هناك منتجات محلية في مجال تجارته يمكنها الصمود او المنافسة سعريا» وتساءل: «أين هي البضاعة الوطنية اساسا؟ ليس امامنا سوى ما تجود به المصانع الصينية».
تعمدت ان انقل فقرات من التحقيقين، فهما يجسدان في حقيقة الامر وبشكل معبر جوهر القضية التي نناقشها.. قضية تخلفنا العلمي والتكنولوجي، وما يترتب على ذلك من نتائج.
لنا ان نسأل انفسنا: لماذا تنجح الصين في غزو اسواقنا والتفوق علينا بهذا الشكل، وفيما يتعلق بمنتجات تقليدية تخصنا نحن مثل فوانيس رمضان او المسابح او سجادات الصلاة.. وهكذا؟ ما هي مشكلتنا هنا بالضبط؟
ان اردنا الصراحة مع انفسنا، المشكلة هنا مشكلتان:
المشكلة الأولى: مشكلة القدرة على الابداع والابتكار والتطوير، نحن نفتقدها في كثير من الحالات. الصين ما كان لها ان تتمكن من اقتحام اسواقنا بهذا الشكل والمنافسة بقوة لولا انها ادخلت افكارا بسيطة مبدعة على مثل منتجاتنا التقليدية هذه، كالفوانيس، بحيث تلبي الاحتياجات العصرية المستجدة وتلبي حاجة اسواقنا نحن. هذا عجزنا فيه. والذين لديهم القدرة على هذا من صناعنا لا يجدون دعما او تشجيعا. هنا مثلا، تحدثت الدكتورة عزيزة الاحمدي مديرة مركز سيدات الاعمال بالغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة في التحقيق الذي اشرت اليه، عن «تعثر كثير من الافكار المبدعة في بعض الصناعات اليدوية التي كان لها ان تفتح بيوتا عديدة». وتحدثت عن غياب خطط انشاء اسواق متخصصة بالصناعات والحرف اليدوية.
المشكلة الثانية: وهي الاكبر والاخطر، وهي مشكلة حضارية بالمعنى العام، أي تتعلق بثقافتنا العامة فيما يتعلق بالعلم والتطوير والتكنولوجيا وتعاملنا معها ونظرتنا اليها. المشكلة هنا ببساطة اننا في وعينا العام تعودنا الاعتماد المطلق على التكنولوجيا الاجنبية في كل شيء، بدلا من تطوير التكنولوجيا الخاصة بنا. بعبارة ادق، تعودنا ان نعيش عالة على العلم الاجنبي وعلى نتاجات التكنولوجيا الاجنبية. يصح هذا في كل المجالات من ابسطها إلى أكبرها.. من الفوانيس.. إلى السلاح مثلا.
هذان الجانبان يجسدان جوهر تخلفنا في الوطن العربي في مجالات العلم والتكنولوجيا. لكن لنلق نظرة أبعد.
متخلفون جدا
نحن في الوطن العربي متخلفون جدا في كل ما يتعلق بمجالات العلوم والتكنولوجيا والابداع فيهما. نحن في حقيقة الامر عمليا خارج نطاق العصر هنا. هناك سيل من الدراسات والاحصاءات العالمية التي تؤكد هذه الحقيقة المفزعة. ولست اريد عزيزي القارئ ان ارهقك بالاحصاءات والحقائق عن حالنا في الوطن العربي في هذه المجالات، ولكن للتوضيح فقط هذه بعض المؤشرات العامة جدا.
* في كل الدراسات العالمية التي ترتب دول العالم من حيث التقدم العلمي والتكنولوجي من زوايا وفي مجالات مختلفة، يأتي الوطن العربي دوما في ذيل القائمة. وفي احسن الاحوال، نحن نتقدم فقط بفوارق بسيطة عن الدول الافريقية الفقيرة جدا جنوب الصحراء. اتحدث هنا عن الدراسات التي ترتب دول العالم في مجالات مثل البحوث العلمية المنشورة، او اداء المدارس والطلاب في مواد العلوم والرياضيات والهندسة.. وهكذا.
* ومثلا، خذ مجالا مثل الكمبيوتر والانترنت، الذي يظن البعض اننا نساير العالم فيهما. لنا ان نعلم هنا انه بحسب الاحصاءات العالمية، فان اقل من 0.6% من العرب فقط يستخدمون الانترنت، و 1.2% فقط لديهم اجهزة كمبيوتر أو بمقدورهم الوصول اليها واستخدامها. وفي الوطن العربي، يوجد 18 جهاز كمبيوتر لكل ألف عربي، في حين ان المتوسط العالمي هو 78.3 جهازا لكل ألف.
* الدول العربية تنفق فقط 0.15% من الدخل الوطني على البحث والتطوير في مقابل 1.4% في العالم.
* في مجال براءات الاختراع مثلا. تشير الاحصاءات العالمية إلى انه خلال الفترة من 1980 إلى 2000، تم تسجيل 370 براءة اختراع صناعي في الدول العربية. وفي بلد واحد هو كوريا الجنوبية، تم في نفس الفترة تسجيل 16 الف براءة اختراع.
* جامعاتنا العربية كلها لا تظهر في أي ترتيب عالمي لأفضل جامعات العالم.
* الدول العربية تشهد نزيفا رهيبا للعقول التي تهاجر إلى الخارج، وبالذات العقول في مجالات العلم. بعض الاحصاءات العالمية تشير مثلا إلى ان 25% على الاقل من الخريجين العرب في العلوم والطب والهندسة يهاجرون سنويا إلى الخارج.
هذه كما قلت مجرد مؤشرات بسيطة جدا توضح مدى تخلفنا.
التحقيق من القاهرة عنوانه «فانوس رمضان.. بداية مصرية بنهاية صينية». التحقيق يعرض في جزء منه لمسألة الغزو الصيني لمصر في مجال صناعة فوانيس رمضان الشهيرة التي هي بالطبع صناعة وتقليد مصري اصيل مائة في المائة. يذكر التحقيق ان مصر تستورد من الصين كل عام فوانيس بمبلغ 3 ملايين دولار حسب تقارير وزارة الاقتصاد. والارجح ان المبلغ اكبر من هذا بكثير. وينقل عن تجار للفوانيس المصرية التقليدية شكواهم المرة «من شدة المنافسة التي يتعرضون لها من الفوانيس الصينية المستوردة التي باتت تقدم للطفل في اشكال متعددة وتغنى لها ايضا كل اغاني رمضان الشهيرة». وينقل عن احد صناع الفوانيس المصرية الذي يعمل في هذه المهنة من 30 عاما قوله: «ان الصين قدمت الفانوس على هيئة كل الالعاب الموجودة في السوق المصري، ونجحت في تطويع اشكال تصميماتها في الآونة الاخيرة لتلائم السوق المصري، وهو ما جاء على حساب صناعة الفانوس التقليدي».
اما التحقيق الثاني الذي نشرته الصحيفة من المدينة المنورة فعنوانه «الصين الشعبية تحيط بالحرم النبوي من جميع الجهات». يبدأ التحقيق بهذه الفقرة «يدور زوار الحرم النبوي حول جهاته الاربع بحثا عن هدية غالية يعودون بها من احد الاماكن والديار المقدسة عند المسلمين، فلا يجدون امامهم سوى طوفان من البضائع الصينية الرخيصة فيما لا يقف امام هذا المد الصيني سوى باعة التمور والنعناع المديني». وينقل التحقيق عن زوار للحرم النبوي شكواهم من عجزهم عن الحصول على منتجات «تعكس ثقافة المكان والناس» و« لها روح المدينة المنورة» كما ينقل عن احد باعة الملابس قوله: «ليس هناك منتجات محلية في مجال تجارته يمكنها الصمود او المنافسة سعريا» وتساءل: «أين هي البضاعة الوطنية اساسا؟ ليس امامنا سوى ما تجود به المصانع الصينية».
تعمدت ان انقل فقرات من التحقيقين، فهما يجسدان في حقيقة الامر وبشكل معبر جوهر القضية التي نناقشها.. قضية تخلفنا العلمي والتكنولوجي، وما يترتب على ذلك من نتائج.
لنا ان نسأل انفسنا: لماذا تنجح الصين في غزو اسواقنا والتفوق علينا بهذا الشكل، وفيما يتعلق بمنتجات تقليدية تخصنا نحن مثل فوانيس رمضان او المسابح او سجادات الصلاة.. وهكذا؟ ما هي مشكلتنا هنا بالضبط؟
ان اردنا الصراحة مع انفسنا، المشكلة هنا مشكلتان:
المشكلة الأولى: مشكلة القدرة على الابداع والابتكار والتطوير، نحن نفتقدها في كثير من الحالات. الصين ما كان لها ان تتمكن من اقتحام اسواقنا بهذا الشكل والمنافسة بقوة لولا انها ادخلت افكارا بسيطة مبدعة على مثل منتجاتنا التقليدية هذه، كالفوانيس، بحيث تلبي الاحتياجات العصرية المستجدة وتلبي حاجة اسواقنا نحن. هذا عجزنا فيه. والذين لديهم القدرة على هذا من صناعنا لا يجدون دعما او تشجيعا. هنا مثلا، تحدثت الدكتورة عزيزة الاحمدي مديرة مركز سيدات الاعمال بالغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة في التحقيق الذي اشرت اليه، عن «تعثر كثير من الافكار المبدعة في بعض الصناعات اليدوية التي كان لها ان تفتح بيوتا عديدة». وتحدثت عن غياب خطط انشاء اسواق متخصصة بالصناعات والحرف اليدوية.
المشكلة الثانية: وهي الاكبر والاخطر، وهي مشكلة حضارية بالمعنى العام، أي تتعلق بثقافتنا العامة فيما يتعلق بالعلم والتطوير والتكنولوجيا وتعاملنا معها ونظرتنا اليها. المشكلة هنا ببساطة اننا في وعينا العام تعودنا الاعتماد المطلق على التكنولوجيا الاجنبية في كل شيء، بدلا من تطوير التكنولوجيا الخاصة بنا. بعبارة ادق، تعودنا ان نعيش عالة على العلم الاجنبي وعلى نتاجات التكنولوجيا الاجنبية. يصح هذا في كل المجالات من ابسطها إلى أكبرها.. من الفوانيس.. إلى السلاح مثلا.
هذان الجانبان يجسدان جوهر تخلفنا في الوطن العربي في مجالات العلم والتكنولوجيا. لكن لنلق نظرة أبعد.
متخلفون جدا
نحن في الوطن العربي متخلفون جدا في كل ما يتعلق بمجالات العلوم والتكنولوجيا والابداع فيهما. نحن في حقيقة الامر عمليا خارج نطاق العصر هنا. هناك سيل من الدراسات والاحصاءات العالمية التي تؤكد هذه الحقيقة المفزعة. ولست اريد عزيزي القارئ ان ارهقك بالاحصاءات والحقائق عن حالنا في الوطن العربي في هذه المجالات، ولكن للتوضيح فقط هذه بعض المؤشرات العامة جدا.
* في كل الدراسات العالمية التي ترتب دول العالم من حيث التقدم العلمي والتكنولوجي من زوايا وفي مجالات مختلفة، يأتي الوطن العربي دوما في ذيل القائمة. وفي احسن الاحوال، نحن نتقدم فقط بفوارق بسيطة عن الدول الافريقية الفقيرة جدا جنوب الصحراء. اتحدث هنا عن الدراسات التي ترتب دول العالم في مجالات مثل البحوث العلمية المنشورة، او اداء المدارس والطلاب في مواد العلوم والرياضيات والهندسة.. وهكذا.
* ومثلا، خذ مجالا مثل الكمبيوتر والانترنت، الذي يظن البعض اننا نساير العالم فيهما. لنا ان نعلم هنا انه بحسب الاحصاءات العالمية، فان اقل من 0.6% من العرب فقط يستخدمون الانترنت، و 1.2% فقط لديهم اجهزة كمبيوتر أو بمقدورهم الوصول اليها واستخدامها. وفي الوطن العربي، يوجد 18 جهاز كمبيوتر لكل ألف عربي، في حين ان المتوسط العالمي هو 78.3 جهازا لكل ألف.
* الدول العربية تنفق فقط 0.15% من الدخل الوطني على البحث والتطوير في مقابل 1.4% في العالم.
* في مجال براءات الاختراع مثلا. تشير الاحصاءات العالمية إلى انه خلال الفترة من 1980 إلى 2000، تم تسجيل 370 براءة اختراع صناعي في الدول العربية. وفي بلد واحد هو كوريا الجنوبية، تم في نفس الفترة تسجيل 16 الف براءة اختراع.
* جامعاتنا العربية كلها لا تظهر في أي ترتيب عالمي لأفضل جامعات العالم.
* الدول العربية تشهد نزيفا رهيبا للعقول التي تهاجر إلى الخارج، وبالذات العقول في مجالات العلم. بعض الاحصاءات العالمية تشير مثلا إلى ان 25% على الاقل من الخريجين العرب في العلوم والطب والهندسة يهاجرون سنويا إلى الخارج.
هذه كما قلت مجرد مؤشرات بسيطة جدا توضح مدى تخلفنا.
الإثنين نوفمبر 02, 2009 11:04 pm من طرف chocolate
» طووووط طووووط وانقطع الخط
الإثنين نوفمبر 02, 2009 10:16 pm من طرف chocolate
» انواع حلى بالجالكسى
الإثنين نوفمبر 02, 2009 10:10 pm من طرف chocolate
» شعر حب بالمصرى
الإثنين نوفمبر 02, 2009 10:07 pm من طرف chocolate
» اشهر مطربي البوب الهيب هوب يعلن اسلامه
الإثنين نوفمبر 02, 2009 10:04 pm من طرف chocolate
» همسات اسريه
الإثنين نوفمبر 02, 2009 3:26 pm من طرف عفريت في علبة كبريت
» اشهر السنة الميلاديه فى ليببيا تختلف اسما ئها عن كل بقاع العالم
الأحد نوفمبر 01, 2009 4:44 am من طرف عذب السجايا
» اسئله اذا قرات اجوبتها ستر تاحى
الأحد نوفمبر 01, 2009 4:39 am من طرف عذب السجايا
» أسرار الرجل السبعه
الأحد نوفمبر 01, 2009 4:03 am من طرف عفريت في علبة كبريت
» حروف قاسيه
الأحد نوفمبر 01, 2009 3:00 am من طرف الفارس الملثم
» صور لاعضاء المنتدى
الأحد نوفمبر 01, 2009 2:56 am من طرف الفارس الملثم
» كنا وصرنا !!
السبت أكتوبر 31, 2009 9:55 pm من طرف عفريت في علبة كبريت
» لؤلؤة استرااااليا تعتلي كرسي الاعتراااف
السبت أكتوبر 31, 2009 9:46 pm من طرف شروق الشمس
» قالو حبيبك مات والحق صلاته
السبت أكتوبر 31, 2009 8:12 pm من طرف عفريت في علبة كبريت
» كلام من ذهب
السبت أكتوبر 31, 2009 8:52 am من طرف عذب السجايا
» مسكينه ايتها المرأه لمتى هذا الظلم
السبت أكتوبر 31, 2009 5:21 am من طرف chocolate
» وفاة لبنانية حامل بسبب إنفلونزا الخنازير
الخميس أكتوبر 29, 2009 7:15 pm من طرف صغيرة بس خطيرة
» معلومات غريبه قد تكون جديده عليك
الخميس أكتوبر 29, 2009 4:30 pm من طرف chocolate
» تعرف على ثقافة الشباب السعودى حسب المناطق
الخميس أكتوبر 29, 2009 2:06 pm من طرف شروق الشمس
» فوائد الشاهي الاخضر
الخميس أكتوبر 29, 2009 7:29 am من طرف chocolate